الشاعر عبد الرزّاق الربيعي والباحث محمود السامرائي (وجهًا لوجه)

العراق | خاص 

الشاعر عبدالرزّاق الربيعي في دوّامة الوجد، والفقد يقول:
نادم على علاقات أتلفت بها عمري وأعصابي

الشاعر عدنان الصائغ أفسد عليّ طفولتي
السلطان هيثم المعظم حفظه الله ورعاه يستمع للسينمائي سالم بهوان ووالشاعر عبد الرزاق الربيعي والدكتورة سعيدة خاطر ينتصتان

قبل أن أتعرّف عليه، قرأت نتاج الشاعر عبد الرزاق الربيعي، فاخترته موضوعا لدراستي في لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية، وآدابها بجامعة سامراء، عن طريق منشوراته، التي وقعت بين يديّ بصيغة  (pdf)، فاستوقفتني في شعره ثيمة الفقد، وتمثلاته،  وبقيت أتتبّع نتاجه الشعري  الغزير، وتواصلت معه، فبعث لي نسخة من اعماله الشعرية، وقد وصلتتي في 15 تموز/ 2020 بنسختها الورّقية، وحملها لي مشكورا الدكتور احمد حسين الظفيري، وخضنا حوارات عديدة كانت منصبة حول الفقد، حتى انهيت رسالتي التي حملت عنوان” تمثّلات الفقد في شعر عبدالرزّاق الربيعي”، وجرت مناقشتها في الكلية صباح ٢٨ /٦/٢٠٢١، بعد أن تشكّلت لجنة برئاسة د.أحمد حسين الظفيري، وعضوية كل من د.نافع حماد،د. سهام حسن جواد، د دلال هاشم الكناني(عضوا و مشرفا)، ونلت عنها درجة الامتياز.

الباحث محمود السامرائي

لكن الرحلة مع الربيعي لم تنتهِ، فقد بقيت على تواصل شبه يومي، وتحوّلت العلاقة من باحث، وموضوع بحث إلى صداقة إنسانيّة، وأخوّة، وبعد ان نويت تحويل الرسالة إلى كتاب، قرّرت دعم الكتاب بحوار ثقافي، وذلك  في 25 تموز/ 2021، وهو ما لم يمانعه، وبدا متعاونًا جدًّا، وهكذا أقبل اليوم الموعود، لطالما كان فجرُ هذا الحديث بازغٌ عليَّ قبل أن يبزُغَ فجرُ هذه الأرض، ولهذا الحوار أثره، وسط صدى أيامٍ كُتب على مصيرها الخرس، وحاولت الّا يكون تقليديا، وأن ياتي مطعّما بملامح تنقيبيه، ملقيا الضوء على شخصية عبد الرزاق الربيعي وحياته في مقاطع زمنية مختلفة، بعد أن رأى في الموت مفهومًا يتشكّل على معنى الفقدان بالنسبة لمن لا زالوا أحياءً.

 


وقد وفرت لي هذه التجربة فرصة مثالية لتذوّق متعة المكابدة الجميلة في الاستغراق مع مرتسم الشخصية المكتوب بنبض الحياة اليومية والمُحمّلة بحمولة فلسفية وسايكولوجية، إذ كان سقف التوقعات مُبهم في أرجوحة العقل، وأحسب أن ذلك راجع إلى اعترافات الربيعي الصريحة، ونجده يثبت فكرته، فيقرّر فحواه في الصمت، وتكفيه كلماته، التي تُبلِغُنا في اكتساب الصبر دون حجابٍ من خَجلٍ، ونجد أن بعض الأجوبة تعود إلى أحداث قديمة، إلا أنها ما زالت تحتفظ بحرارتها، لاسيما الجزء الأكثر إثارة في السيرة الذاتية، هو ذلك المختص بالمادة التي تتناول الحقائق الوقائعية، وكفاحه المبكّر ليكون شاعرًا حرًا، وترسيخ علاقته مع ألحان الأطفال، لكن الأمور تنحرف بعض الشيء عن سياقها متى ما تناول الربيعي أفكاره الخاصة، فكان هذا الحوار.

من هو عبد الرزاق الربيعي؟
طفل الشعر الذي يرفض أن يغادر منطقة الطفولة ويصرّ عليها رغم بلوغه الستّين، ومن هنا جاء عنوان ديواني الأخير” شياطين طفل الستّين” وهذا الطفل الستّيني، ضيّع حياته بالأوهام التي رافقته، منذ عرف الطريق للطفولة، والشعر، لقد ضيّعها تماما بـ ” رقّة الإحساس” كما يقول رامبو.

الطفل عبد الرزاق الربيعي

من أين كانت البداية؟
من الشعور بوجود جرح في الروح، لا ينزف دما، بل كلمات، كنت في طفولتي عندما أنزعج من تصرّف، أو كلمة، أصعد سطح البيت، وأجلس هناك وحدي، مردّدا ما يخطر ببالي، حتى أشعر بالراحة، فأنزل، كانت تلك محاولة للتنفيس عن غضب ما، أليس الشعر هو رئة ثالثة لمن وقع تحت أسر شياطينه؟

في أي سن اتضحت وتبينت شاعريتك؟
حين سُئل سلفادور دالي، متى بدأت الرسم؟ أجاب على طريقته الدالية” كنت أرسم وأنا في رحم أمّي”، هكذا تبدو العلاقة مع الكتابة، بالنسبة لي بعيدة، ولا توجد بداية واحدة لكلّ مشروع، فهناك بدايات، وكلّ بداية لها خصائصها، ولكنني أعتزّ بأول نص نُشر لي في جريدة” المزمار” يوم٣/١/١٩٧٣، وكنت في الصف الخامس الابتدائي، يومها عرف الأهل، والأصدقاء، إنني شاعر، وهذا هو مصدر اعتزازي بالنص، وذلك التاريخ، الذي أعتبره يوم ولادتي الشعرية.

من أيقظ الشعر بداخلك؟
الشعر نفسه بعد أن صار ماردا، ولم تعد قارورة الذات تتحمّله أكثر، ففاض، وتمدّد على الورق، وصار يطاردني، في يقظتي، ومنامي، وينغّص عليّ حياتي، التي تغدو لا شيء بدونه.

ماهو مفهوم القصيدة عند عبد الرزاق الربيعي؟
بوح، وطفولة، ورسالة، بناء عالم من المجازات، نسكنه، لننقذ أنفسنا من رتابة الزمن، وفقر الواقع، القصيدة منطاد يرفعنا للأعلى بعيدا عن لزوجة رتابة الحياة اليومية، ثم نعود إلى قواعدنا بعد انتهاء الرحلة، حاملين معنا لذّتها.

عبد الرزاق الربيعي معلما ومتعلما

من الذي أُغرم بقصائده الربيعي؟
الذي بحث عني بعد أن وقعت عينه على قصيدة لي نشرتها في جريدة “الجمهورية” عام١٩٨١ ولم يقرأ لي قبلها، ولا بعدها، وبقيت قصيدتي واسمي في ذهنه، وآمن بصوتي الشعري قبل أن يراني، حتى التقينا عام١٩٨٤، أعني صديقي الشاعر عدنان الصائغ، ولم نفترق لليوم، رغم بعد المسافة، ووحشة الطريق، ولم نزل نتواصل يوميا، مثلما لم تقف المسافات عائقا بينني وبين تواصلي مع أصدقائي البعيدين جغرافيا، القريبين من القلب: د.حاتم الصكر، فضل خلف جبر، د.سعد التميمي، جواد الحطّاب، وآخرين.

 هل اكتفى عبد الرزاق بكمّه الشعري؟
لا بالطبع، والمسألة ليست بالكم، ولا مسألة اكتفاء، فحاجتي للقول الشعري مستمرة، وأنا ألبّي هذه الحاجة، وإذا توقّفت تلك الحاجة، سأكتفي، ولكنها لن تتوقّف ما دمتُ أتنفّس، وأتألم لما يجري من حولي من بشاعات، فالألم البشري مستمر، وهو معين لا ينضب، ومصدر شعري.

الشاعر عبد الرزاق الربيعي في  أحد المهرجانات الدولية

هل تبادر إلى ذهنك يومًا أن تترك كتابة الشعر؟
أؤمن أن الشعر مرسوم في خريطة جيناتي، ومحفور على وجه الخريطة وقفاها، لذا لا أتركه، ولا يتركني، ولا ينبغي له ذلك، ولا ينبغي لي، الشعر مثل الحبّ قَدَر أعمى!

أول قصيدة حفظتها وتأثرت بها؟

كانت من الشعر العمودي (الأرملة في العيد) للرصافي، ولم تكن ضمن المنهج المقرر، ولكن المعلم اسمه (أ. قاصد) املاها علينا، فحفظتها، أما بالنسبة للشعر الحديث، فقصيدة محمود درويش (أغنية ساذجة عن الصليب الأحمر)، فقد سمعتها في برنامج تلفزيوني في أول عهد لنا مع التلفزيون عام١٩٦٩، وكان الإلقاء مؤثرا، وتظهر صورة لطفل حزين ينظر من خلف الأسلاك الشائكة، ويضع أصابعه عليها، عرفت لاحقا أن الصورة للفنان الراحل جاسم الزبيدي، وفي اليوم التالي، كتبها أحد المعلمين على السبورة، فنقلتها، وحفظتها، وعرفت محمود درويش من يومها، وبعد شهور، عرفت بوجود مكتبة عامّة في حيّنا الشعبي(حي الرافدين) أو (الثورة) اسمها(العبّاس بن الاحنف) العامّة، وبحثت عن ديوان له، فوقع بين يدي (العصافير تموت في الجليل) الذي كان أحدث ديوان للشاعر، إذ صدرت طبعته الأولى عام ١٩٧٠، قرأته، ثم طلبت بقية دواوينه حتى قرأت أعماله الكاملة، وحين عدت للبيت، ذات يوم، أحسست أن الايقاع التصق بذهني، وصرت أدندن بكلام موزون.


ما هي القصيدة، أو العمل الذي تمنيت لو كنت انت من كتبه؟
مسرحية “انسوا هيرروسترات” للكاتب غريغوري غورين التي تتحدث عن (هيروسترات) الرجل المهووس الذي أحرق المعبد الاغريقي ليشتهر اسمه في المدينة ويصبح حديث الناس، فقلب المدينة، عاليا سافلها، وصار يتحكم بها، وهو في سجنه، وكانت أول عقوبة له هي صدور قرار بنسيان اسم (هيروسترات) لكنه صار الاسم الأشهر في المدينة!، لدرجة أنّ زوجة الحاكم زارته في سجنه وطلبت منه ان يقول أنه حرق المعبد لأجلها، والكلّ يحاول، سرّا، أن يستفيد من حرق المعبد الذي أدانه علنا، وقد شاهدتها في منتصف الثمانينيات على المسرح عندما قدّمتها فرقة تونسية، وكان العرض من اخراج المنصف السويسي، واعدت قراءتها عدّة مرّات.

في محاضرة لك بمنصّة كليّة الآداب الدوليّة بالجامعة المستنصريّة ذكرت أنّ عملك في الصحافة الثقافية افادك، بماذا تحديدا ؟
كثيرا، لقائي بشخصيات ثقافية كبيرة أفادني على مستوى الكتابة الشعرية، فاستفدت من الخبرات، والصنعة الشعرية، التي عرفتها من خلال الحوارات الثقافية الكثيرة التي اجريتها مع الشعراء: عبدالوهاب البياتي، وسليمان العيسى، ود.عبدالعزيز المقالح، وأحمد عبدالمعطي حجازي، وعبدالرزاق عبدالواحد، وسميح القاسم، وكثيرين، وكنت أنقل عنهم، مشافهة، لا عن آخرين، يقول التنوخي:”لا تحملوا العلم عن صحفي” ويقصد الذين ياخذونالعلم عن صحيفة لا عن أستاذ، وصاحب حرفة، وقد سمي التصحيفُ تصحيفًا لكثرة النقل من الصحف، لا عن مشافهة وسماع.


 وماذا أفدت من التدريس، وقد عملت عشر سنوات في سلك التعليم متنقّلا بين بابل، وبغداد، وعمّان، وصنعاء، ومسقط؟
أهمّ درس تعلّمته خلال عملي في التدريس هو الإلمام بجوانب أيّ موضوع، أعطيه لطلابي من جميع زواياه، متوقّعا أيّ سؤال يُطرح عليّ، وهذا يتطلّب منّي مضاعفة الجهود، فكنت أدرّس، وأدرس مع طلّابي بالوقت نفسه، وهذا أفادني كثيرا، مثلما أفادني التدريس في الاهتمام بتوصيل المعلومة للأذهان باستخدام جميع الوسائل المتاحة لي.

أصدقاء وجيل عبد الرزاق الربيعي الشعري

نعلم أن للزوجة مكانة خاصة في اعمالك فما هي أقرب وأجمل قصيدة كتبتها لها؟
“خذي رئتي” تلك القصيدة كتبتها بعد أن أخبرني الطبيب أن المرحومة مصابة بسرطان الرئة، قلت له: وماهي خطة العلاج؟ قال: علينا التأكد من مساحة الورم ثم نجري عملية لرفع الرئة المصابة، في تلك اللحظة، لمعت فكرة القصيدة التي اختتمها بهذا المقطع:
خذي رئتي
خذي ما شاء من عمري
وما خطّت يد القدر
مشيناها خطى كتبت..
وسنكملها
إذا شاء لنا الحبّ
وإن شئتِ


كيف تخاطب من فقد روحًا كانت له أُنسًا؟
ليس لي سوى أن أقول له: أنت محاط بمن فقدت، فالأرواح لا تعرف الفقد، لأنها تدور حول من يحبها، فلم نخسر سوى الأجساد، وسنعتاد ذلك الغياب الجسدي، وقديما قال ابن الرومي لمن فقد عزيزا:
ستألفُ فقدان الذي قد فقدته

كَإلْفكَ وجْدان الذي أنت واجدُ

في بيت الشاعر عبد الرزاق الربيعي وبحضور الشاعرين عبد الرزاق عبد الواحد وسعيد الصقلاوي والصغيرة دجلة ابنة  الربيعي

تحتل الغربة والسفر المتواصل مساحة شاسعة في حياة عبد الرزاق الربيعي، لماذا هذا التجوال؟ وكيف أثرى تجربتك الفنية؟
في البداية لم يكن قرار السفر بملء الإرادة، إنما أملته ظروف معروفة، أقساها الحصار، في مطلع التسعينيّات، لقد غادرت بغداد في عزّ سنوات نضوجي الشعري، وعملي الإعلامي، وقد فعلت ذلك عندما توفّرت لي فرصة دعوة بمشاركة شعرية، استثمرتها، لأن الدعوات لا تمرّ بالقنوات المعقدة المعتادة آنذاك، والفرص لا تأتي دائما، وفي عمّان التي سبقني إليها صديقي عدنان الصائغ، واستقبلني، بدأت من الصفر، ورغم أن الأخوة الاردنيين رحّبوا بنا، واحتضنونا رغم ظروفهم الصعبة، لكنّ العراقي عموما واجه صعوبات، فالحصار رافقنا، ونغّص علينا منافينا، كوننا نحمل جواز بلد محاصر، فلم نستقرّ بمكان، وتقاذفتنا الدروب، بحثا عن عشب أكثر نضارة، وهواء نقيّ، حتى ألقيت عصا الترحال بمسقط، من جانب آخر إن بلوغ  مناطق جديدة في الكتابة يحتّم على الكاتب أن يبحث ويقرأ، ويطوف، فهذا يجعل الأمكنة تكشف له عن أسرارها.

الشعراء سعيد الصقلاوي وحسن المطروشي وبينهما الشاعران عدنان الصائغ وعبد الرزاق الربيعي

أين يمكن أن يتجه الأدب في العشرين سنة القادمة؟
الأدب ابن التحولات، فهو يمتلك روحا ديناميكية تتعاطى مع المتغيرات بروح ايجابية، أما عن التكهنات، بما ستؤول إليه الامور بعد عشرين سنة، فالتحولات التي تشهدها الحياة هي التي سترسم ملامح الأدب.

هل ما زال الشعر قادرا على التأثير بحياة الناس في ظل صعود الرواية والميديا؟
الشعر مثل الدين يمنح الإنسان مساحات روحية تضفي عليه شعورا بالطمأنينة، تخفف عليه جمود الواقع الذي كلما يقسو على الانسان يلجأ للمجاز، والشعر ساحة المجازات، لذا سيظل تأثيره كبيرا.
يقول د. عبد العزيز المقالح: “إن عالماً خالياً من الشعر هو عالم بائس شديد الجفاف. ومهما قيل عن مستوى منه عميق التعبير يخاطب النخبة الثقافية فقط، فإن أشكالاً أخرى منه ما زالت تخاطب الوجدان البشري في حدود مستوياته الدنيا”.
أما الميديا، فقد خدمت الشعر، وساعدت على انتشاره، وتقديمه بشكل جاذب، مدعوم بالمقاطع الصوتية الموسيقيّة، والصور، فهي ليست نقيضا له، بل داعما.

الشاعر عبد الرزاق الربيعي في اليمن

هل ترى النقد مقوما للشاعر، وما رأيك في النقاد في الوقت الحاضر؟
من الصعب عزل العملية النقديّة عن الحياة العامّة، فالعلاقة مترابطة، النقد تربية، وثقافة، تفتقدهما مجتمعاتنا، بينما في الدول الغربية، تبدأ التربية النقدية منذ المراحل المبكرة من عمر الإنسان، فالتلاميذ في المدارس يتعلّمون الفكر النقدي، كطريقة للتفكير العلمي، وباب من أبواب طرح الأسئلة، والبحث عن حلول مناسبة، وما أتحدّث عنه في الحياة، ينطبق على النقد الذي من شأنه تجاوز الهنات، ورفع مستوى الأداء، ولكن الاكثرية لا تتقبل النقد، في السلوك ولا في الأدب، لذا تراجع النقد الحقيقي ليخلي المكان لنقد المجاملات، والنقد ضروري للشاعر ليعرف نقاط القوة، والضعف في نصوصه، والأهم أن يربّي الشاعر ذائقته النقدية، ليفحص النص بعين النقد عقب كتابته، فيرى مواضع الاعوجاج، ويقوم بإصلاحه، لدينا نقاد مهمون، لعلّ أبرزهم : د.حاتم الصكر، د.ضياء خضير، د. علي جعفر العلّاق، د.عبدالله الغذّامي، د.سعد التميمي، د.وجدان الصائغ، د.عبدالرضا علي، ياسين النصير، فاضل ثامر، د.صبري مسلم، د.محمد صابر عبيد، علي الفوّاز، وآخرون، فلم ينشغلوا بالجانب التنظيري على حساب التطبيقي.

هل القراءة الأدبية فيما يخص الروايات والفلسفة افادتك وساعدتك على الكتابة؟
طبعا، أستمتع كثيرا بقراءة الروايات، وكذلك كتب الفلسفة، فالأولى تثري لغتي، وثقافتي، والثانية تعطيني عمقا، ومعرفة، وفي سنواتي الاولى قرات العديد من الروايات، ومازلت أقرأها بشغف.

ماذا تقول للأيام العجاف التي مررتَ بها؟
أقول لها بملء فمي: شكرا، لأنك جعلتني أقوى، وأكثر صلابة مما كنت أتخيّل.

كيف يتجاوز المرء خوفه من الفشل؟
باستحضار لحظات النجاح، وإيمانه بأنّ الفشل محاولة أخفقت السير في طريق النجاح، ومحاولة لم يُكتب لها التوفيق، وليست النهاية، بل بداية لمسار جديد ستكون نهايته النجاح.

الشاعر عبد الرزاق الربيعي وجونتر جراس صاحب نوبل

“الربيعي” “العُماني” كيف وافقت بين الاثنين؟ وهل هناك آثار حدثت على المستوى الشخصي والاجتماعي نتيجة لهذه الثنائية؟
لا توجد ثنائية، فالقبائل العربية تنقّلت بين مناطق عدة من الجزيرة العربية، ومناطق أخرى، ونحن، كشعراء، نحمل في جيناتنا تلك الرغبة العارمة في اكتشاف المجاهيل، وارتياد الآفاق، وفي عمان قبيلة “الربيعي” موجودة، مثلما هي موجودة في اليمن، وقد دعاني شيخ القبيلة، ولبّيت الدعوة، وحدّثني عن جدّه الثالث عشر الذي كان يقيم في العراق، ثم غادره إلى عمان، فيما بقي شقيق له هناك، وخارج إطار القبيلة الضيّق، كان الشعراء، واللغويون، والكتّاب العرب في عصور الأمّة الزاهرة، كالفراهيدي المولود في عُمان، وابن دريد،  يتنقّلون بين المدن ، والأمصار، دون أن ينتسبوا لمكان معين سوى الثقافة العربية التي هي عنواننا الأبرز، قديما، وحديثا، ومستقبلا.

الربيعي تحت تمثال الرصافي

ما معنى أن تكون وحيدًا؟
أن أكون بحاجة إلى إنسان، ولن أشعر بالاكتمال الا بوجوده، وعندما أبلغ تلك الحالة، أكتفي بذاتي وأجعل وحدتي لي سندا، فالوحدة ليست ضعفا، النرويجي أبسن يرى “أنّ أقوى رجل في العالم هو الذي يقف وحيدا”، لأنّ الموقف يتطلّب منه أن يقوم بجميع الأدوار التي تمليها عليه استمرارية الحياة.

وصفك المقرّبون بالمحارب الجيّد، وقد خضت نزالات، في الحياة، وخرجت منها ظافرا،  رغم أنك مسالم، وهاديءكيف يمكنك الجمع بين الصفتين؟
الظروف الصعبة تجبر الإنسان أن يكون يستحضر كلّ ما في كيانه الهشّ من قوّة، ويجمعها، على شكل قذيفة، يوجّهها للهدف في لحظة واحدة، تقلّبات الحياة، وظروفها في سنوات النشأة، والخروج من المكان الأوّل، والفقد المبكّر لأعزّاء تجعل الإنسان أكثر صلابة مما يبدو، ليحافظ على كيانه، ووجوده، والوسط الثقافي ليس حديقة غنّاء، بل يبدو أحيانا،غابة مليئة بالكواسر، والمطرقة تبحث عن المسمار البارز، كما يقال، والجواهري ناقس هذا المعنى بقوله:
جُبْ أُربُعَ النقد، واسألْ عن ملاحمها
فهل ترى من نبيغٍ غيرِ مطعون
لم أعْدُ أبوابَ ستينٍ، وأحسبني

همَّاً وقفتُ على أبواب تسعينمن وهبَ للصمت كل هذا العمق؟
وهبه كل من يملك القدرة على ملء أوعيته بالتأملات في الكون، والمراجعات، والإصغاء لنبضه، وكلّما نضبت أوعية الصمت، ونشف ماؤها، نصبّ بها ماء جديدا، سيكون مدادا للكتابة التي هي “بنت الظلام والصمت” حسب بروست، وقديما قيل لبكر بن عبد الله المُزني: إنك تُطيل الصمت! فقال: “إن لساني سبعٌ إن تركته أكلني”، فالصمت بلاغة، ومظلّة نتّقي بها زوابع الكلام، وعواصف الثرثرة.

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر عبدد الرزاق الربيعي

كيف لذاكرةٍ واحدة أن تحمل مأساة عُمرٍ كامل؟
كلما تمتلئ ذاكرتي، أقوم، بإغلاق غرفها، ودهاليزها، وأختم عليها بالشمع الأحمر، لأفسح المجال لدخول ذكريات جديدة، ولا أعني بالإغلاق النسيان، فقد أقوم بفتح بعض تلك الغرف عند الحاجة لتنسّم عطر الماضي.

هل عبد الرزاق سعيد في حياته؟
لا يوجد إنسان سعيد على طول الخط، ولا تعيسا دائما، هناك لحظات، سعيدة، وأخرى تعيسة، وعندما أكون سعيدا، أبدو أسعد إنسان في العالم، وحين أحزن، يضيق الوجود بعيني، وأشعر بالاختناق، امضي مع الفرح إلى اقصاه، ومع الحزن إلى أقصاه، وفي تلك الحالة القصوى يولد الشعر، فهو ليس وليد لحظة عاديّة، بل شديدة التطرّف، وعلى عشب السعادة، وجمر التعاسة، تتقلّب أيام حياتي.

 كيف يعامل عبد الرزاق خصومه؟
أتعاطى معهم وفق قوله تعالى” فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم” وأعمل بنصيحة ذهبية هي” عظّموا أنفسكم بالتغافل”، فأتجاوز كثيرا، وأتسامح، وأتغاضى عن صغار الأخطاء، والّلَمَم، وكثيرا ما أردّد مقولة الحلاج “إلهي، أكثرْ أعدائي”، فهم الذين يجعلوننا نرصّ صفوفنا، ونتقدّم للأمام، لهذا كان دعاء الأمّهات عند الذهاب للمدرسة بليغا وهو “الله يكثّر أعداءك” أي: نبتهل إلى الله أن تنجح، فالأعداء والخصوم ضروريون، لتقوية روح التحدّي، وتغذية الإرادة، وتقويتها، وعموما خصومي قلّة، لذا أحافظ عليهم من الانقراض، من خلال مواصلة الكتابة، وهذه نتيجة طبيعية، يقول الجواهري:
جُبْ أُربُعَ النقد، واسألْ عن ملاحمها

فهل ترى من نبيغٍ غيرِ مطعون
لم أعْدُ أبوابَ ستينٍ، وأحسبني

هِمَّاً وقفتُ على أبواب تسعين

عبد الرزاق الربيعي وجونتر جراس حائز نوبل

ما هو القَدَر وتفسيره عند عبد الرزاق؟
القدر هو خارطة الطريق التي رسمتها المشيئة الإلهية، ونحن نسير على خطوط تلك الخارطة، مع ضرورة السعي في دروب الحياة، “وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى”.

بعد عمر مديد هل حققت كل أحلامك وطموحاتك وهل يوجد حلم لم يتحقق بعد؟
أحلام الشاعر لا تنتهي عند حد معين، ولو انتهت ستتوقّف رحلته مع الشعر، ومن الطبيعي أن يتحقّق بعضها، ولا يكتب النصيب للآخر.
أمّا الحلم الذي لم يتحقّق بعد، فهو إنشاء مؤسّسة ثقافية تدعم الأدباء الشباب.

هل ندمت على شيء؟
نعم، كثيرا، في قصيدتي “أصابع فاطمة” قلت “بلغت سنّ الندم”، لقد ندمت على دخولي في علاقات أضعت بها وقتي، وجهدي، وفي النهاية كلّ مضى لحال سبيله، حتى الذكريات مضت، وهذا أسوأ ما في العلاقات الإنسانية، أن تمضي، وتسحب ذكرياتك معك، هذا حصل مع نساء كثيرات ربطتني بهن صداقات كنت أظنّها عميقة!

عبد الرزاق الربيعي والفنان عبد الرحمن أبو زهرة و ناصر أبو عون و د. صالح الفهدي

ما هو أسوأ قرار اتخذته في حياتك، وأنجح قرار؟
أسوأها الزواج المتأخر (كان عمري يوم تزوجت ٣٨)، وهو قرار أملته الظروف المعقّدة التي عشتها، من حروب، وحصار، وتغرّب، وعدم استقرار، أما أنجح قرار، فهو اختياري (سلطنة عمان) الجمال، والتسامح، والأمن، والهدوء، وطنا للعيش، والاستقرار.

ماذا تمثل لك بغداد؟
الطفولة، وسنوات التكوين الشعري، والثقافي، وذاكرة ثقافيّة حيّة، يقول الشافعي: “ما دخلت بلدا قط إلا عددته سفرا إلّا بغداد، فإني حين دخلتها عددتها وطنا” ورغم الجراح، وسنوات الناي عنها، تبقى بغداد تعيش في وجداننا. وقد عبّرت عن ذلك في أبيات طلبها مني د. صالح الطائي صاحب مشروع بناء قصيدة مشتركة بموضوع واحد هو بغداد، وببحر واحد هو البسيط، وقافية موحدة هي العين، حمل المشروع عنوان (عينية الوجع العربي)، ومما قلت:
لأرض بغداد حنّ القلب منتحبا

من فرط شوق لحضن ضمّه ورعى
فكلّ أرض غدتْ ما دونها يبسا

وصار حبّ سواها في الورى بدعا

فيما يخصّ الفعل الفيزيائي للكتابة، بأيّة وسيلة تفضّل الكتابة في العادة؟
عندما ينطلق نداء الكتابة، بصوته الهادر، فلا يهمّني القلم الذي أكتب به، ولا الورقة، ولا المكان، ولا الزمان، الشيء الوحيد الذي يشغلني في تلك اللحظة، تلبية النداء بأسرع وقت، كأيّ جندي مطيع للأوامر حين يكون في ساحة قتال، وحين أنتهي من أداء (الواجب) يعود كلّ شيء إلى سابق عهده.

أخبرنا شيئًا عن عاداتك اليومية؟
أحرص على النهوض المبكّر، وبدء صباحي بقراءة ما لا يقلّ عن أربع صفحات من القرآن الكريم بتدبّر عميق، وتسلسل، والاكتفاء بالفاكهة، ومراجعة بريدي، والإجابة عن الاسئلة، والاستفسارات التي تصل على حسابات بمواقع التواصل الاجتماعي، وقراءة الأخبار  وتحليلاتها، والانصراف لكتابة مقال، أو تكملة بحث، أو مراجعة نص شعري، أو مسرحي، او كتاب أشتغل عليه، حتى المساء، يتخلل ذلك اتصالات الأصدقاء، ولا أشاهد التلفزيون منذ سنوات، ففي الليل أتوحّد مع نفسي، وتفزعني الأصوات، و مع مرور السنوات صرت قليل الخروج من البيت إلّا للضرورات، وأعشق الخلوة.

من تراه أكثر الشخصيّات الإبداعية والفلسفيّة التي كان لها تأثير بيّن على حياتك ولماذا؟
كثيرون أثّروا بي، ووضعوا خطواتي على جادّة الطريق، معلّمون، ومثقّفون، وأدباء، لكنّ لقائي بالشاعر عدنان الصائغ، عمل فارقا في حياتي، ووضعني في فوّهة مدفع القصيدة، قبل ذلك، كنت أكتب بعيدا عن الدخول في مواجهات، وصراعات، تمليها طبيعة الكتابة، وقبل لقائي بالصائغ، أخذ الشاعر الكبير الراحل عبدالرزّاق عبدالواحد بيدي، عندما سمعني أقرأ قصيدة في مشاركة بمهرجان طلّابي أيّام الثانوية في ١٩٧٨، ودعمني حتى كتب للطفل، فأرادني أن أتخصّص بالكتابة للأطفال، وعيّنني محرّرا في دار ثقافة الاطفال ١٩٨٠، وكان مديرها العام، ولكنّ الصائغ أفسد عليّ طفولتي، وجعلني أخطو خطوة أوسع.

عندما تكتب، هل هناك كلمة ما تنزلق بطريقة غير واعية منك وتستقر بين ثنايا ما تكتب؟
هذا السؤال يقودنا إلى سؤال أعمق هو: هل الكتابة نتاج الوعي؟ أم اللاشعور؟ وبالتأكيد الكتابة تتشكل نتيجة الوعي بالوجود، وفيها كلّ شيء محسوب بدقّة، حتى النداءات المستقرة في اللاشعور، التي يمكن أن يتمّ استدعاؤها من تلك المناطق الغامضة المستقرة في الذاكرة، وتتجسّد على شكل كلمة، أو صورة، أو ذكرى.

هل كنت يومًا ما خائف حقًا؟ خائف أن يحدث لك ما لا يمكن تفاديه؟
الخوف شعور إنساني طبيعي، حتى لدى الحيوانات يشكّل الخوف غريزة، لمقاومة الأخطار التي تهدّد وجودها، في كوكب مليء بالصراعات، والعنف، والقسوة، وهناك مخاوف عديدة قد يكون من بينها خوف (بوكوفسكي) “من التحوّل إلى شخصٍ يشبه الآخرين”، أو من  “لا تخف  الحياة الناقصة” على حدّ تعبير فولتير، وفي الغالب يكون المبدع رهين الخوف من انطفاء جذوة الإبداع، وهذا النوع من الخوف يتطلب مضاعفة الجهود، لتجاوز ذلك، فالخوف ممكن أن يكون عاملا محفّزا للإبداع، لذا، أنا مع هذا النوع من الخوف الذي يجعل الإنسان أكثر حذرا.

أي نوع من الأطفال كنت؟
الهادئ، الذي لا يشارك أترابه العابهم في الغالب، خصوصا التي تحتاج إلى مجهود عضلي، بحكم البنية النحيلة، وحين يتعب الأطفال، ويجلسون جواره، يبدأ يقصّ عليهم حكايات سمعها من الجدّة، ويوما بعد آخر، كبرت اللعبة، ولكن حكايات الجدّة انتهت، ولكن أخذته العزّة بالسرد، وشهوته، فبدأ يبني على الشخصيات نفسها أحداثا غير مترابطة لأنها من صنع المخيلة، وهذا فنعت أصدقاؤه ذلك العمل بالكذب، أو (من القلب) لا من الذاكرة، قبل أن يعرف الجميع أن خير الشعر أكذبه!

متى تصبح اللغة قيدا؟ هل ترى نفسك أحيانًا مكبّلا بمحدوديّة اللغة؟
حين سُئل الكاتب الألماني غِينْتَر غْراس، عن نصيحة يوجهها للكتّاب الشباب، أجاب: “عليهم أولاً استيعاب العالم، ثم محاولة تأثيثه باللغة، وإنتاج واقع آخر ليس فقط على الورق، بل واقع حيّ”.
إذن الخطوة الأولى تكون قبل اللغة، تكمن في التأمل، والسباحة في المطلق، عندما تهجم اللغة بكلّ حمولاتها، ويكون على الشاعر الحاذق تخليصها من الزوائد، والتحليق بها عاليا، مستثمرا طاقته على اختراق المألوف عبر المجازات، والاستعارات.
اما بالنسبة لي، فاللغة تكبّلني في حالة واحدة “عندما تتسع الرؤية”، حسب النفّري، وأدخل حالة من عسر الكتابة، فأتوقّف عن الكتابة، وأنصرف للقراءة، والحياة، ولن أعود إليها إلّا عندما أتجاوز ضيق العبارة، فتتدفق المفردات، والتراكيب، والصور على الورق.

في مفهومك عن الحب؛ هل ترى الانغماس أمرًا لا غنى عنه؟
الحبّ طاقة خلّاقة، تمنح الشاعر والكاتب دافعية ليس فقط للكتابة، بل للحياة، وتبقى المرأة مصدرا مهمّا من مصادر الإلهام، أمّا الحبّ كتجربة إنسانية، فهناك خلط بينه وبين الإعجاب، والألفة، والتعود، الحبّ شيء مختلف، ذوبان كامل في الآخر، وهذا الذوبان يحتاج إلى نكران ذات، وفطرة نقية خالية من الشوائب، والمصالح، والغايات، وإيمان مطلق، وقد قيل لإعرابية: ما الحب؟ قالت: جلَّ عن أن يُسمَّى، ودقَّ عن أن يُوصف، فهو كامن كمون النار في الجمر، إن قدحته أوْرَى، وإن تركته توارى”، وهو في عصرنا الكثير الجنوح للمادّة، لا للروح، قليل، قليل جدا!، ونادر ووفق هذا المقياس، فمعظم التجارب التي مررت بها تخرج من دائرة الحبّ.

في ضوء هذا، هناك سؤال لا يمكن تجاوزه يتعلّق بالراحلة عزّة الحارثي (رحمها الله)، ما الذي يميّزها عمّن عرفت؟
هذا السؤال يجيب عنه، من عرفها من أصدقائي، وببساطة، (عزّة) امرأة ذكية عرفت أهمّ مفاتيحي الشخصيّة، وهي: الطفولة، والكتابة، والأصدقاء، والسفر، حبّ الفنون جميعا، فأعادت برمجة حياتها، وفق هذه المفاتيح، فأحبّت ما أحبّ، وتجنّبت ما أكره، واعتنت بي، كما تعتني بطفل لها، وآمنت بي، وقامت بترتيب أوراق حياتي، وتنظيمها، ومنحتني مساحة واسعة للقراءة، والكتابة، والحلم، والناس، والسفر، والحياة، ونظرت لعملي بقدسية، ففقدتُ بغيابها زوجة، وحبيبة، وصديقة، وسندا قويّا.

يعكف شقيقك الكاتب علي جبار عطية على جمع حواراتك في كتاب، ما أهمية الحوارات في إضاءة التجربة؟
أؤمن أنّ كلّ ما يصدر عن الشاعر، والكاتب من رسائل، وأحاديث، ويوميات، جزء لا يتجزّأ من نتاجه الإبداعي، ومن شأنه أن يفتح الطريق للقرّاء، والباحثين، والدراسين لفتح مغالق نصوصه، وما استعصى منها على التحليل، والتفسير، والفحص النقدي، وكثيرا ما يطلب مني الدارسون الحوارات الثقافية التي أجريت معي، وهي كثيرة، ومتناثرة، لذا قام شقيقي علي بجمع أهمّها، وننوي نشرها بكتاب توفيرا للجهد.

في ساعات الضيق والضجر، ماذا تفعل؟
كل إنسان بمرّ بمثل هذه الساعات، وتبدو أكثر ثقلا على أرواحنا مع ما جُبلنا عليه من رهافة الإحساس، ولكنني أتغلّب عليها، وأقاومها، بالمداومة على الكتابة الشعرية، التي هي بمثابة “اسفنجة” تمتصّ التوتّر، وغالبا ما أكتفي بعد تجاوز الظرف، بمتعة الكتابة، ولن أنشر ما كتبت.

وإذا لم تسعفك الكتابة، واستمرّ الشعور بالضيق؟
أتحدّث مع صديق من الدائرة القريبة: كعدنان الصائغ، أو فضل خلف جبر، او د. سعد التميمي، أو وسام العاني، او جواد الحطّاب، أو أديب كمال الدين، أو سعيد الصقلاوي، أو حسن المطروشي،  أو ناصر أبوعون، او عماد حسين باقر، أو أحد أخواني، وكثيرا مع نفسي،  فإذا تعذّرت كلّ تلك الخيارات، و لم تخرجني مما أنا فيه أتّجه للمصحف، والسجّادة، متدثّرا بمقولة البسطامي “نحن قوم إذا ضاقت بنا الأرض اتّسعت لنا السماء”، وهو فعل يومي مستمرّ عليه في الاحوال كلّها، وقصدت الاستزادة من ذلك.

  وإذا لم تسعفك الكتابة، واستمرّ الشعور بالضيق؟

الشاعر عبد الرزاق الربيعي وعدنان الصائغ وخلفهما صورة بدر شاكر السياب

أتحدّث مع صديق من الدائرة القريبة: كعدنان الصائغ، أو فضل خلف جبر، او د. سعد التميمي، أو وسام العاني، أو د.سعيد السيّابي، أو جواد الحطّاب، أو أديب كمال الدين، أو سعيد الصقلاوي، او د.نائل حنّون، أو د.سعيد الزبيدي،أو حسن المطروشي، أو ناصر أبوعون، أو عماد حسين باقر ، أو أحد أخواني، وكثيرا مع نفسي،  فإذا تعذّرت كلّ تلك الخيارات، ولم تخرجني مما أنا فيه أتّجه للمصحف، والسجّادة، متدثّرا بمقولة البسطامي “نحن قوم إذا ضاقت بنا الأرض اتّسعت لنا السماء”، وهو فعل يومي مستمرّ عليه في الاحوال كلّها، وقصدت الاستزادة من ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى