الإستثمار الارتدادي لنصر أكتوبر العظيم

طارق محمد حامد | أكاديمي مصري

بالرغم من أن نصر أكتوبر ٧٣ العظيم كان مزيجا من الذهنية السياسية السوية والاستراتيجية العسكرية العبقرية والجندية المؤمنة المخلصة التي تمتلك الدوافع للكرامة، وكان إعجازا بكل المقاييس والاعتبارات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية علي المستوي الإقليمي و الدولي و إرادة المنتصر دائما ما تفرض شروطها علي المنهزم ويعد هذا قانونا من قوانين الصراع الأبدي وقاعدة نستنطقها من أحداث التاريخ.

إلا أننا أبان انتصارنا الساحق علي الكيان اليهودي في العاشر من رمضان ١٣٩٣ هجرية بدلا من أن نملي شروطنا في استعادة الأرض و العزة والكرامة رضينا يالدون و وقف إطلاق النار ثم سارعنا لاهثين خلف العدو لإقامة معاهدة السلام وأنا بأي حال من الأحوال مع السلام القائم على العدل كما ورد في خطاب الرئيس الراحل محمد أنور السادات و لكن هذه تعتبر ردة سياسية و عسكرية للقيادة و الأمة المصرية آنذاك… لماذا؟!

لأن المنتصر ينتزع الحق انتزاعا وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة كما قال بذلك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في معرض حديثه عن احتلال إسرائيل لسيناء و الضفة الشرقية والجولان وهذا صحيح إذا اغتصبت الأرض.

فإذا كانت معاهدة السلام لم تسترد كامل السيادة المصرية علي شبه جزيرة سيناء وذلك بسبب البنود السرية والمقيدة للسيادة المصرية عليها من وجود قوات دولية حتي الآن بها بداعي حفظ السلام و كذلك عدم السماح بتوطين المصريين في شمال سيناء المتاخم في الحدود مع الكيان إلا من بعض قبائل عرب سيناء المقيمين فيها والمتجذرين فيها من قديم الأزل ، والتوطين يكون في صورة التعمير والتنمية في جميع المجالات وكذلك فرض الجيش سيطرته بكامل معداته الخفيفة منها والثقيلة علي كل سيناء وهذا لم يحدث و بالتالي آلت معاهدة السلام بسيادة مصرية منقوصة علي شبه جزيرة سيناء سياسية وعسكرية وأنثروبولوجية.

وهذا بلا شك استثمار إرتدادي لهذا النصر العظيم، وهذا ما أكد عليه العلامة الجغرافي والمفكر الراحل الدكتور جمال حمدان في جل كتبه وأهمها شخصية مصر، وما زالت البنود السرية لهذه المعاهدة تطفو علي سطح الحياة السياسية العربية شيئا فشيئا و منها اتفاقية تصدير الغاز بأسعار زهيدة للكيان واتفاقية الكويز والتطبيع الجمعي وغير المبرر  للدول العربية مع الكيان وكذلك تجفيف منابع أي تهديد عربي للكيان سواء من سيناء مصر أو من دول الطوق الأمني و السياج الذي يحمي أمن إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى