هزيمة الجائحة فى حربها الأخيرة

د. فيصل رضوان | أستاذ التكنولوجيا الطبية الحيوية الولايات المتحدة الأمريكية

بعد أكثر من سنتين من المرض الشديد وسلب الأرواح حول العالم، وقع فيروس كورونا المستجد ضحية للاختيار الطبيعى الفريد، واثبتت عوامل البقاء لدى الجنس البشرى قدرتها على إحداث ضربة جينية قوية أصابت تركيبه الوراثي فى مقتل. ظهر هذا الشاب الفتى “أوميكرون Omicron” فيروس معدى للغاية، لكنه شحط تافه، ومختل عقليًا.

ربما هو أشبه بمغنى المهرجانات على المسرح العالمى – يغنى ويتشقلب ويتنطط هو وفرقته وينخر بأنوف المعجبين والمهللين والمتابعين من الناس – العجائز والشباب والاطفال على السواء – لا يهمه إطراب الناس وتكسير المشاعر، ولكن يهمه كم الهائل من المتابعة واللهو الوقتى المحدود – نوع عجيب من الضجيج المزعج، ولحسن الحظ يبقى دون معنى أو تأثير كبير نذكره.

والحالة الامريكية الآن خير دليل على ما أقول. تقرير هذا الأسبوع يؤكد تضاعف عدد حالات كوفيد الجديدة، بأكثر من ثلاثة مرات خلال الأسبوعين الماضيين، محطماً لكل الأرقام القياسية في جميع أنحاء الولايات المتحدة منذ بداية الجائحة.

وتشير كل التقارير العلمية والعملية على إنه – بالفعل يبدو أن متحور أوميكرون – الذى يعم ضجيجه العالم بأثره بما فيه القارة الأمريكية ، هو ” الأكثر اعتدالًا” من سابقاته ، ولا يؤدي إلى نفس القدر من الخطورة. لكن أعداد الحالات المرتفعة للغاية لا تزال علامة تحذير طبية خصوصًا لمن هم فى حالة صحية سيئة، وليس لهم طاقة لأى إزعاج، ولو دور برد طفيف.

وقد بلغ متوسط ​​عدد الحالات الجديدة في الولايات المتحدة الآن ما يزيد عن نصف مليون حالة يوميًا – وهى زيادة تعد أعلى مستويات الوباء منذ بدايته.
ومن المحتمل أن تكون عدد الحالات اضعاف الاعداد الرسمية المسجلة، حيث أنه يقوم العديد من الأشخاص اختبار أنفسهم في المنزل.

ماذا نفهم من ذلك – المؤكد في موجات كوفيد السابقة، كانت الزيادة الحادة في الحالات تُترجم إلى زيادة مماثلة في حالات الطوارئ ، ثم الوفيات. وهذا لم يحدث الآن . لذا، يبدو أن المُهرج “أوميكرون” لا يسبب مرضًا شديدًا عند الكثيرين. ولم تشهد وحدات العناية المركزة زيادة كبيرة في عدد مرضى COVID حتى مع انفجار الحالات، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.

وكما تنبأنا فى مقال سابق الى قرب انحسار الجائحة (الرابط ادناه) بشكل تلقائي مع بداية ظهور أوميكرون بجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة، حيث اثبتت تقارير الاطباء هناك أن المرضى لا يعانون من أعراض خطيرة، وأغلبهم لا يحتاج دخول المستشفى مثل المصابين بمتحور دلتا البائد.

قد لا يكون أوميكرون هو النسخة الأخيرة من كورونا المستجدة، بل هو علامة جيدة على أن المتحورات القادمة أقل حدة وأكثر هزلية.

إذن، ما العمل. مع التضاعف فى سرعة انتشار متحور أوميكرون، وإنحسار خطورته المرضية فإن ضرورة “إرتداء الكمامة” فى الأماكن المزدحمه والمواصلات العامة — الآن – أصبحت ضرورة هامة للحماية ومنع الاصابة؛ اصبح اللقاح يقلل من خطورة الإصابة ولا يمنعها، بينما القناع الواقى ونظافة اليدين والاحتراز من العدوى هو الاكثر اهمية للحماية. حسنًا، الآن يجب علينا أن نطبق المثل “الوقاية خير من العلاج”. يمكننا معا محاربة الوباء العالمى!

ارجو الاطلاع على مقالنا السابق فى الرابط التالي: حكاية متحور ”أوميكرون” وسيناريو الانقراض الذاتى لجائحة كورونا:

http://79j.713.mywebsitetransfer.com/?p=66154

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى