ما وراء بلطجة الجمهورية الإسلامية في أربيل

سمير عادل | العراق

كل الذرائع التي تسوقها قوات الباسدران الإيراني في قصفها لاربيل يوم ١٢ اذار هي واهية وسخيفة ولا تكاد ان تعدو أن تجد ايران اي شيء تقوله لتبرير اقل ما يوصف بأنه بلطجة سافرة وليس أكثر.

الحرب الروسية على أوكرانيا غيرت وستغير الكثير من الاشياء التي حولنا، بدءًا من التصورات السياسية السائدة في المجتمع ومرورا بالخطاب الدعائي والسياسي وانتهاء المعادلات السياسية والاقتصادية، ليس على صعيد المنطقة فحسب بل على صعيد العالم.

لنتمعن الخطاب السياسي والإعلامي لروسيا في تبريرها لغزو أوكرانيا، فمحوره الأصلي هو حماية الأمن القومي الروسي. القانون الدولي الذي كان جزءا لا يتجزأ من الخطاب الأيديولوجي والسياسي لروسيا للوقوف بوجه الراية التي يرفعها الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وهي الديمقراطية وحقوق الإنسان لتبرير تدخلاتها السافرة في تغيير الأنظمة السياسية غير الموالية لها، يتعرض اليوم من قبل نفس روسيا الى انتهاك صارخ وبغض النظر نحن نتفق مع هذا القانون اأو لا. ولكن كما يعرف الجميع أن القانون الدولي تم صياغته بنسخته الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية، وهي نسخة الدول المنتصرة في الحرب.

وبنفس محتوى الخطاب السياسي لتبرير غزو روسيا لأوكرانيا تم قصف اأربيل، وأكد السفير الإيراني في العراق ما ذهبت إليها قوات الباسدران بأنها من قامت بقصف أربيل دفاعا عن حماية الأمن القومي الإيراني. فمحور روسيا -الصين الذي طالما كان يدافع عن “القانون الدولي”، يدوس اليوم عليه لحماية مصالح أمنها القومي. وهكذا يشجع هذا الخطاب ضرب إسرائيل لإيران في أي زمان يناسبها حماية لمصالحها الأمنية القومية، وستضرب مصر أثيوبيا بسبب سد النهضة لحماية مصالح أمنها القومي، وستضرب تركيا مدينة السليمانية بسبب التعاون والتنسيق بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب العمال الكردستاني التركي حماية مصالح أمنها القومي، وستغزو حيثما شاءت الولايات المتحدة الأمريكية أو تلقي بحمم طائرات بي ٥٢ على رؤوس جماهير إيران لمحاولة امتلاكها سلاح نووي حماية لمصالح الأمن القومي الأمريكي، وستغزو الصين تايوان لنفس السبب.. وهكذا ستضيق مساحة السلام في العالم بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وتعم شريعة الغاب، وسيكشف النظام الرأسمالي عن قباحته دون رتوش الديمقراطية ومفاهيم حقوق الإنسان والقانون الدولي الى درجة لن تتحملها البشرية.

سواء كانت هناك قواعد اسرائيلية في اربيل او لا، او هناك تهديد اسرائيلي لامن ايران قادم من اربيل، فهل ايران قادرة بنفس المنطق والخطاب السياسي على قصف تركيا، لان الاخيرة رممت علاقاتها توا مع اسرائيل، وقام رئيس دولة اسرائيل بزيارة الى تركيا واعاد للعلاقات الاسرائيلية-التركية دفئها، وتم الاتفاق في جميع المجالات بما فيها الامنية، فهل بأمكان ايران قصف تركيا او تتبجح قوات الباسدران بايجاد الذرائع في قصفها او قصف السفارة الاسرائيلية في انقرة!

أن إيران تستغل اليوم الأزمة الأوكرانية، وتستعير نفس الخطاب السياسي الروسي لتطاولها على العراق وفي خاصرة اقرب الى التيار القومي العروبي وتركيا. فالولايات المتحدة الأميركية منشغلة في اوربا، وهي الجبهة التي استعرت دون تخطيط مسبق لها في الوقت الذي كانت تخطط لاحتواء الصين. وان حصار روسيا وتقويض مكانتها عن طريق فرض عقوبات اقتصادية بما فيها تصدير الطاقة تكون مكلفة جدا اذا لم تجد البدائل في تعويض أسواق الطاقة. وايران وفنزويلا هما البدائل لتعويض تلك الاسواق. وبالرغم من دق كل الطبول الاعلامية الغربية بأن روسيا تغرق في المستنقع الاوكراني كما غرقت في افغانستان، الا ان ما ان ينفض غبار المعركة وتحط الحرب من اوزراها، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستضعف قبضتها العالمية و تسدد ضربة جديدة لمكانتها بسبب فرط عقد حلف أمريكا جراء تكوين نظام مالي عالمي جديد بعيد عن الدولار. وفقط على سبيل المثال نذكر أن السعودية كأكبر مصدر للنفط في العالم عقدت اتفاقية مع الصين قبل أيام بتسليمها النفط مقابل اليوان الصيني. فقد باتت جميع دول العالم مرعوبة على مدخراتها من الدولار بسبب استهتار السياسة الأمريكية وبلطجيتها لفرض هيمنتها. وهذا ما أدركته إيران بعد اعلان الحرب الروسية على أوكرانيا.

من جهة اخرى ان النفوذ الايراني وعموم سلطة الإسلام السياسي تعرضت الى لكمات مدمية من قبل انتفاضة اكتوبر لحد الاسقاط المدوي لحكومة عادل المهدي الموالية للجمهورية الاسلامية بضربة اقل ما يقال عنها قاضية، وجاءت الانتخابات لتسدد ضربة اخرى وتعمل على تقويض مكانتها السياسية والاجتماعية. طبعا لا ننسى ان اغتيال قاسم سليماني هي الاخرى ساهمت بتوسيع ماساة تقويض النفوذ الإيراني. ومنذ انتفاضة أكتوبر ومرورا بالانتخابات وانتهاء بمساعي تشكيل الحكومة لم تستطع ادوات إيران وتحديدا مليشيات تحالف فتح عن طريق الاختطاف والاغتيالات وشن الهجمات على مراكز التجميل ومحلات بيع الخمور والإنفاق الهائل لإحياء المناسبات الدينية الشيعية وقصف بين الحين والآخر المنطقة الخضراء ومطاري أربيل وبغداد والتواطؤ لتوغل عصابات داعش بارتكاب جرائمها هنا وهناك، و كان آخرها محاولة اغتيال مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء ..كل تلك المساعي فشلت في اعادة الهيبة والنفوذ لمكانة الجمهورية الإسلامية وإعادة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى