الإنجيل اللحظي الجديد.. رحلة في الفكر والإرادة الإنسانية

 أجدور عبد اللطيف

صباح اليوم بالمقهى الأگاديري المحبب، مع أحد أصدقائي القدامى الذين دام وصالهم منذ أيام الدراسة، والذي أصبح أستاذا جامعيا من عهد قريب، بعدما كان يضرب به المثل في الكسل آنذاك، حتى إن أحد الأساتذة العدميين عاهده أمامنا جميعا مرة قائلا : ” ايغ تسفالت تاشكيد تسوفتين غيمي” أي إذا حققت في حياتك نجاحا ما فتعال وابصق في فمي، وللحقيقة والتاريخ فنحن نتحين الوقت المناسب لنزوره من أجل إيفائنا وعده، عموما فهذا الصديق مثال أفخر به جدا للإنسان العصامي، ولامتدادات قوة الإرادة، وتجسيد حي لحقيقة أن أحلام الإنسان لا سقف لها، وستظل كلمة مستحيل بنظري دوما عبئا على المعاجم والقواميس.

الأهم أن الحديث قادنا ضمنيا إلى إشكال طريف، هو السؤال التالي : ما الذي يميزنا عن بقية البهائم؟ غير اللغة والعقل هاتين اللعنتين المعجزتين،
انتهينا إلى اتفاق بتحديد مجموعة من المؤشرات التي تحدد إنسانية الإنسان بعيدا عن محدودية (هرم إبراهام ماسلو) الذي تحاشى بعضا مما يجعل حقا هذه الأرض تستحق الحياة.
قبل أن نضمن هذه اللائحة السريالية الفنتازية أي عنصر، دارت بيننا سجالات بيزنطية طويلة حول ما إذا كان أي عنصر من العناصر -فعلا- دالا على إنسانية الإنسان ويملك مقومات ذلك، فلا يمكنك مثلا الزعم بأن الجنس يدل على إنسانيتنا حتى لو خرجنا فيه عن المألوف البهيمي يوم كنا نستعمل نفس المغارات المطروقة منذ القدم وكذا قصر العلاقة على ازدواجية ذكر أنثى، عكس ما فتحنا عليه أعيننا اليوم مع ظهور ثقوب جديدة في جسم الإنسان طوعناها لهذا الغرض والجنس الثلاثي والجمعي وهلم جرا .. أما المثلية فصارت شيئا بدهيا لا نلقي له بالا.
لا يسعني أن أنزلق مع كل التفاصيل، لكننا اتفقنا أن الموسيقى، والأدب، والفن عموما، وكذا الحب: كما وصفه فرويد تلك الهالة التي تغتال إرادة الإنسان ومنطقه وحتى كرامته أحيانا، والغير مرتبط بفعل الجنس، كلها أشياء تدل على إنسانيتنا، وتجعلنا نبلاء وراقون ورقيقون ومهذبون.. اجتهد صديقي هذا الذي ينسحب على لسان حاله قول أبي نواس:
دع المساجد للعُبّاد تسكنها
وسر إلى حانة الخمار يسقينا
ما قال ربك ويل للأولى سكروا
وإنما قال ويل للمصلينا
اجتهد في إضافة الجاك دانيال إلى الإنجيل اللحظي الجديد، لكنني مانعت أيما ممانعة كون الشراب يخرج ما بالإنسان من قبح أو خير، عنف أو رقة، بعيدا عن كونه بذاته يؤدي إلى ما يسمو بها.

ودعته على أمل إتمام اللائحة بعد البحث والتمحيص، وكذا التدقيق في رواية يوشك على إنهائها، وثم وهذا الأهم على التباحث حول إذا ما كانت السبيسيال تستطيع الإلتحاق باللائحة ما دامت أرخص وأنفع من الكوكاكولا حبيبة رونالدو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى