تمهّل

د. سامي الكيلاني

(1)
انتظر!
لا تبتئس إن غيّرت طريقك الصباحي،
لا تغضب كثيراً لأن القطار كعلبة السردين،
يكاد لا يعطيك موطئاً لقدم،
لا تغضب إن لم تمتثل للنصيحة الخالدة
“تمسّك بمنحوسك خشية أن يأتيك من هو أنحس”.
لا تلُمْ نفسك، انتظر لترى فألك،
انتظر حتى يبان لك المخفيّ،
فما يدريك؟
قد يصلح القادمُ الحال،
قد يعوضك الصباح بما هو أجمل.
أرأيت؟
ها قد بان الجليُّ،
قد أشرق الحظ،
قد أقبل الوجه المنتظر،
بثغرٍ باسمٍ،
متوهجٍ،
وعيون تشعّ حياة في الحياة،
فافرح بها،
واقطف من شهدها عناقيد أمل.\

(2)
على رسلك!
لا تغضب،
لا تلُمِ السائق المتبرم هذا
حين يفقد صبره من راكب دراجة،
أو حين يلقي شتيمة على سائق متهور،
يقطّب الجبين،
بوجه غاضب يقابل المرآة.
لا تصدر عليه حكمك، وانتظر،
لا تغلق ملفه بالسواد،
قد تشرِق منه علامات أُخَرْ.
أرأيت؟
بكل صبرٍ ينتظر عجوزاً
تغذّ الخطى بعكازة تطرق الرصيف نحو الحافلة،
يعصي الشارة الخضراء،
يفتح لها الباب،
يرد عليها تحية الصباح مرحباً،
ويبتسم.

(3)
انتظر!
لا تلعن زخة المطر التي حاصرتك
وسمّرتك تحت مظلة الانتظار،
صحيح، عيارها ثقيل وتستفز الروح،
تكاد تقتل الموعد،
صحيح، قد عكّرت صفاء يوم ربيعي منتظر،
لا تلعن الجو هذا اليوم، وانتظر.
شمس خجولة تطل من خلف الغيوم
انتظر قليلاً لترى،
ولادة اللوحة الجميلة
بريق ضوئها على الشارع،
وفرحة الأشجار التي استحمت بالمطر.

(4)
انتظر!
ما زال النهار في أوله،
انتظر حصاد النهار حتى ترى،
ما يأتيك به آخر المطاف،
انتظر حتى ترى شمس الأصيل،
انتظر حتى ترى الخاتمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى