عن البطولةِ والمشمش، والجمعةِ المشمشية

عبد السلام عطاري

– قالت لي: في المشمش.
– قلتلها: هاي المشمش طاح.

1) عن الجمعةِ المِشمشية، عن حواكيرِ الظَّهْرَةِ والسِّدِر وبيرِ إعْمَر والنَّزازة، عن شارعِ عرّابة -كفراعي، عن مشمشةِ أبو عبد الله وأم حِشمة ويحيى، ومِشمِشمات الحجّ والناسِ الطيبين.

2) عن سلالمِ صعودِ الذاكرةِ في الحارة، عنّا، نحن المُعفّرون في الحب، عن البَيْدرِ والبيادر، عن بطولاتِنا الصغيرةِ في اصطيادِ البلابلِ، وعشِّ شِنارةٍ لم تنتبه لخطواتِ راعٍ في الغروبِ كَتَمَ أجراسَ ماشِيَتِه.

3) سنواتٌ أعيدُها وأذكّرُ نفسي الأمّارةَ بالذكرياتِ والوعدِ المشمشيّ الذي لا ينتظرُ تحقيقَ وَعده، كَاحمِرار وَجنتيْه ورائحته التي تدلُّني في العتمةِ عليها، حواكيرُ كانت تسكنُها شجرةٌ أو شجرتان لا أكثر، وكانت محطّةَ استهدافٍ لنوايانا (البريئة)، ومتابعة نضوجِ رائحتِها في الليل، والتسَلُّل بفرحةٍ لحبّةٍ أو حبتيْن. وكان أمرُها دُبِّرَ في ليْلِ الفِتية الأشقياء، في الشهوةِ لطعمِها، الأتقياءِ في حمدِ الله ربِّ العالمينَ بعدَ هضمها.

4) قلتُ مرّةً لجارنا، صاحب حاكورةِ الكَرز والمشمش، والجَرانِك: طعمها “زمان كان أزكى”.
– إنّه اصطيادُ العتمة، كلّ شيء شهيّ، قلتُ.
– لعلّها القِلَّةُ للأشياءِ، كانت تجعلُ طعمَها أكثرَ طيبةً كطيبة قلوبِكم البريئة، قال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى