نوح

مروان عياش | سورية 

خذْ أطفالك
و اِرحلْ
إنَّ أباك لنْ يتركَ البيتَ لهيباً
اِمضِ لا تلتفتْ إلى أمٍ
خَبَأَتَها الأحلامُ في نَحيبِ المساء
اِذهبْ بعيداً
حيثُ ينامُ الصغارُ
و تَهدأُ حَمأةٌ.. في عيونٍ أشعَلها البكاء
لا تلتفتْ إلى الشاطئ
فحبيبةُ قلبكَ مازالت تُرضِع النيران
خُذْ مِنْ أطفالك
يا نوح
و اِركبْ البحرَ
السفينةُ في أعماقٍ تسرحْ
خُذْ مِنْ كلِ شارعٍ
و بيتٍ
و مدرسةٍ
و صديقٍ…. ذكرى
اِنزلْ اليَّمَ
إنَّ السفينةَ جِراحاً تنزف
لا تَلتفتْ إلى أطفالك
فالموجُ كافلُ الأيتام
وحوشُ البحرِ يا نوح
لا تأكلُ جسداً… محروقَ الوجدان
لا تحزنْ لصراخِ الناس
إنَّ الموجَ مُؤتمنٌ
كي يُرجعَ أبناءَ الوطنِ أجساداً للشطآن
خُذْ أطفالكَ يا نوحْ
اثنين
ما تَبقى مِنْ كَبدٍ مقطوعَ الأوصال
و اِمضِ في وادي التيه
وراءَ غرابٌ أبيض
يترنحُ مكسورَ الجنحان
تَعَلمْ كيفَ تَدفِنُ وطناً في قلبك
حين يَموتُ بين يديكَ آخرُ الصبيان
خذْ ذِكراكَ يا نوح
و اِرحلْ
إنَّ الذكرى زادُ الغابرين
أمضِ وحيداً
لا تلتفتْ يا نوح
فأنتَ آخرُ المُرسلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى