قراءة في مجموعة شذرات الصفيح للقاص حسين حلمي شاكر

هدى عثمان أبو غوش

“شذرات الصفيح” مجموعة قصصية للأديب الفلسطيني ابن بلدة عرابة جنين، حسين حلمي شاكر عن مكتبة كلّ شيء، حيفا عام 2018,تضم 36 قصة وتقع في 84 صفحة من القطع المتوسط.


العنوان “شذرات الصفيح”الشذرة هي المقطع أو الفٖقرة من الكتاب، والصفيح هو رقائق الحديد،والعنوان يرمز إلى بيوت الصفيح، المخيمات والشتات، ودلالات المعاناة، وأيضا فإنّ مفهوم الشذرة هي تقديم الفكرة بشكل إيحائي مبرق، أكثر من الشرح والتفسير، وفي هذه المجموعة القصصية يبوح ويبرق الأديب من خلال كل شذرة من الشذرات الحارقة من لهيب الصفيح بوجع ومعاناة الوطن وحالته المضطربة، آلامه مخاوفه قلقه آهاته المكبوتة، يجول بين الحاضر والماضي ويتنقل بين العصور، ويسافر بقلمه بين الأحياء وعودة الموتى والشهداء لكي ينتقد الجوانب الاجتماعية والسياسية التي تؤلم المواطن الفلسطيني، وتعبر عن همومه، فيصور لنا بشكل ساخر أثر الاحتلال على ظروف معيشة المواطن الفلسطيني في تنقلاته وتقييده أمام الحواجز، وينتقد كتم الأفواه وعدم الحرية في المجتمع الفلسطيني، النفاق الاجتماعي والمحسوبيات والواسطات، ثرثرة المجتمع وغيبتهم، وسلوكياتهم، التناحر والانقسام والاختلاف في التوصل لرأي واحد، تطرق إلى السعادة المفقودة التي يحلم بها المواطن العربي بسبب أثر الحروب ومعاناة الأطفال، وحالة الحرمان عند الفقراء، وصراع المواطن في تيهه ما بين الاعتقال والظروف المعيشية الصعبة وقد صور علاقة المسؤول بالمواطن التي تتلخص بالمصالح،فعلى المواطن النباح كي يصل لمراده، كلّ ذلك بأسلوب نقدي لاذع وساخر، بعض النصوص كانت شبيهة بأسلوب الماغوط في “سأخون وطني” حين يتعلّق الأمر بهوية المواطن وحريته، جاء أسلوب الكاتب يتأرجح ما بين الواقعي والرّمزية، ومن يقرأ للأديب حسين يلاحظ بصورة جلية استخدام الرمزيّة في كتاباته،كما في مجموعته القصصية ظلال الوهم” على سبيل المثال،جاءت النصوص بلغة قوية،نصوص الأديب ليست سهلة تستدعي من القارىء الوعي والتأمل، وقد استعان الأديب حسين بشخصيات الحيوانات من أجل تمرير فكرته،قام الأديب بتلخيص فكرته في نهاية النصّ بشكل مختصر بأسلوب غير مباشر، استخدم الأديب الحوار، وقد تزينت القصص بالخيال، وتكرار “قيل أنّه” “رُوى عن” “قال فلان وقال فلان” للتأكيد على ضبابية ما يحدث،وعدم صدق كل ما يقال.
أمّا الشخصيات فكانت تتمحور حول شخصية واحدة في كلّ نص،مثل الشهيد، الصديق، الكاتب، ملاك الموت وغيرها. وقد رأيت في مجموعة النّصوص حالة المواطن الفلسطيني في صراعه مع الهوية والبحث عن الذات المعذبة، والبحث عن الأمن المفقود في ظلّ الاحتلال،وكأنّ بالأديب يصرخ من خلال قلمه، ويقول:هذا وجعنا وتلك همومنا فما زلنا نتألم تحت شمس الصفيح الحارقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى